الرمال المتحركة دكتور يوسف قرشي ماذا يفقه شوقي عبدالعظيم في العسكرية حتى يتحدث عن خطاب البرهان؟

من العجيب أن يتجرأ بعض الكُتّاب على الخوض في ما لا يفقهون، وكأنهم خبراء في كل شيء من دون أن تطأ أقدامهم يوماً أرض الواقع. شوقي عبدالعظيم نموذج صارخ لهذا النوع من “المنظّرين”، الذين يجلسون خلف الشاشات يتحدثون عن العسكرية، وكأنهم تخرّجوا من كلية القيادة والأركان لا من مقاهي التحليل على الإنترنت.
فماذا يعرف شوقي عن الانضباط العسكري؟ عن السهر في الثغور؟ عن معنى أن تُشيّع رفاقك كل صباح ثم تواصل القتال؟ لا شيء. كل ما يعرفه هو لغة “الاستنكار” و”التحليل الرخيص” الذي يساوي بين الجندي الذي يدافع عن وطنه، والمجرم الذي يذبح المدنيين بدم بارد.
يتحدث عن خطاب البرهان وكأنه محاضر في فنون القيادة، بينما هو في الحقيقة مجرد كاتب يقتات على الجدل والضجيج. والأنكى أنه لا يرى في جرائم الدعم السريع ما يستحق الإدانة! الإبادة الجماعية، الاغتصاب، الحرق، التهجير، كلها تمر أمامه مرور الكرام، وكأنها مشهد من فيلمٍ رديء لا يعنيه.
أهكذا يكون الضمير الذي يدّعيه؟
يبدو أن شوقي عبدالعظيم قد اختلطت عليه المفاهيم؛ فبات يرى في الخيانة وجهة نظر، وفي التمرد “حقاً مشروعاً”، وفي الدفاع عن الوطن “تسلّطاً عسكرياً”. هذا ليس رأياً سياسياً، بل سقوطاً أخلاقياً لا يُغتفر.
إن من يتحدث عن الجيش دون أن يفهم معنى الشرف العسكري كمن يتحدث عن البحر وهو لم يغمس قدميه فيه. فالعسكرية ليست شعارات ولا بيانات، بل التزام ودم وعرق وولاء لوطنٍ واحد لا يُباع ولا يُشترى المدعو شوقي لايعرف شيئا عن ميدان عبدالله شرف الدين ولا منطقة النهر ولم يشاهد حبال الثقه ولا يعرف شانتو علي قطيه ولم يقرأ كتابه الملاحيظ الخفيه ولم يسمع عن جمعه مكي والنصائح البتبكي ولم يتطلع على كتاب فن الجمباز للمرعب ابو الجاز ولم يحدثه احد عن الدقيل ولم يصلي خلف العم العشا واظنه لم يرى الكليه الحربيه السودانيه مصنع الرجال وعرين الابطال ( ام الكلالي)… .
فليقل شوقي ما يشاء، فالتاريخ لا يُكتب بالحبر الذي يجفّ على الورق، بل بدماء الرجال الذين يحمون الأرض وهم صامتون. أما الذين يزايدون من بعيد، فمكانهم مزبلة الذاكرة، ومكب نفايات التاريخ حيث تُرمى الأصوات التي لم تعرف يوماً معنى الانتماء.
ختاما
في النهاية، من لا يعرف معنى الانتماء لا يدرك قيمة الأرض التي احتضنته، ولا يشعر بنبض الوطن في قلبه. فالوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل هو كرامة تُصان، وانتماء يُغرس في الأعماق. ومن فقد هذا الإحساس، فقد أغلى ما يملكه الإنسان هويته.
نصر من الله وفتح قريب
الرمال المتحركه



